وأمره ونهيه في سورة الفتح، ويتأدب المؤمن بآداب الله ويعلم أن ما أصابه من الخير فإنما هو من فضل ربه وإحسانه، ثم التحمت الآي إلى قوله خاتمة السورة ﴿نحن أعلم بما يقولون وما أنت عليهم﴾ الآيات - انتهى.
ولما كان هذا ظاهراً على ما هدى إليه السياق، بنى عليه قوله دلالة أخرى على شمول علمه: ﴿بل﴾ أي أن تكذيبهم ليس لإنكار شيء من مجده ولا لإنكار صدقك الذي هو من مجده بل لأنهم ﴿عجبوا﴾ أي الكفار، وأضمرهم قبل الذكر إشارة إلى أنه إذا ذكر شيئاً خارجاً عن سنن الاستقامة انصرف إليهم، والعجب من تغير النفس لأمر خارج عن العادة.
ولما كان المقام لتخويف من قدم بين يدي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو منّ عليه بالإسلام أو غيره، أو لتخويف من أنكر البعث، اقتصر على النذارة فقال: ﴿أن جاءهم منذر﴾ أنذرهم حق الإنذار من عذاب الله عند البعث الذي هو محط الحكمة، وعجب منهم هذا العجب بقوله: ﴿منهم﴾ لأن العادة عندهم وعند جميع الناس أنه إذا كان النذير منهم لم يداخلهم في إنذاره شك بوجه من الوجوه، وهؤلاء خالفوا عادة الناس في تعجبهم من كون النذير - وهو أحدهم -