ولا تفكر، فلذلك قالوا ما لا يعقل من أن من قدر على إيجاد شيء من العدم وإبدائه لا يقدر على إعادته بعد إعدامه وإفنائه.
ولما تسبب عن انتسابهم في هذا القول الواهي وارتهانهم في عهدته اضطرابهم في الرأي: هل يرجعون فينسبوا إلى الجهل والطيش والسفة والرعونة أم يدومون عليه فيؤدي ذلك مع كفرهم بالذي خلقهم إلى أعظم من ذلك من القتال والقتل، والنسبة إلى الطيش والجهل، قال معبراً عن هذا المعنى: ﴿فهم﴾ أي لأجل مبادرتهم إلى هذا القول السفساف ﴿في أمر مريج *﴾ أي مضطرب جداً مختلط، من المرج وهو اختلاط النبت بالأنواع المختلفة، فهم تارة يقولون: سحر، وتارة كهانة، وتارة شعر، وتارة كذب، وتارة غير ذلك، والاضطراب موجب للاختلاف، وذلك أدل دليل على الإبطال كما أن الثبات والخلوص موجب للاتفاق، وذلك أدل دليل على الحقية، قال الحسن: ما ترك قوم الحق إلا مرج أمرهم - وكذا قال قتادة، وزاد: والتبس عليهم دينهم.
ولما أخبرهم أنهم قالوا عن غير تأمل أنكر عليهم ذلك موبخاً لهم دالاًّ على صحة ما أنكروه وفساد إنكارهم بقوله، مسبباً عن عجلتهم إلى الباطل، ﴿أفلم ينظروا﴾ أي بعين البصر والبصيرة ﴿إلى السماء﴾ أي المحيط بهم وبالأرض التي هم عليها. ولما كان هذا اللفظ يطلق على كل ما علا من سقف وسحاب وغيره وإن كان ظاهراً في السقف المكوكب