بالبعث وهم لا يشعرون أضرب عنه لقولهم الذي يخل باعتقادهم إياه فقال: ﴿بل هم في لبس﴾ أي خلط شديد وشبهة موجبة للتكلم بكلام مختلط لا يعقل له معنى، بل السكوت عنه أجمل، قال علي رضي الله عنه: يا جار، إنه لملبوس عليك، اعرف بالحق تعرف أهله. ولبس الشيطان عليهم تسويله لهم أن البعث خارج عن العادة فتركوا لذلك القياس الصحيح والحكم بطريقة الأولى ﴿من﴾ أجل ﴿خلق جديد *﴾ أي الإعادة. ولما ذكر خلق الخافقين، أتبعه خلق ما هو جامع لجميع ما هو فيها فقال: ﴿ولقد﴾ أي والحال أنا قد ﴿خلقنا﴾ بما لنا من العظمة ﴿الانسان﴾ وهو أعجب خلقاً وأجمع من جميع ما مضى ذكره بما فيه من الأنس والطغيان، والذكر والنسيان، والجهل والعرفان، والطاعة والعصيان، وغير ذلك من عجيب الشأن، ووكلنا به من جنودنا من يحفظه فيضبط حركاته وسكناته وجميع أحواله ﴿ونعلم﴾ أي والحال أننا نعلم بما لنا من الإحاطة ﴿ما توسوس﴾ أي تكلم على وجه الخفاء، ﴿به﴾ الآن وفيما بعد ذلك مما لم ينقدح بعد من خزائن الغيب إلى سر النفس كما علمنا ما تكلم ﴿نفسه﴾ وهي الخواطر التي تعترض له حتى أنه هو ربما عجز عن ضبطها، فنحن نعلم أن قلوبهم عالمة بقدرتنا على أكمل ما نريد وبصحة القرآن وإعجازه وصدق الرسول به صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وامتيازه، وإنما حملهم الحسد والنفاسة والكبر