من التأخر الناظر إلى الرداءة والسقوط عن عين الاعتبار بالكلية.
ولما كان هذا قد جحد الحق الواجب لله لذاته مع قطع النظر عن كل شيء ثم ما يجب له من جهة ربوبيته وإنعامه على كل موجود، ثم من جهة إدامة إحسانه مع المعصية بالحلم، وعاند في ذلك وفي إثباته للغير ما لا يصح له بوجه من الوجوه، سبب عن وصفه قوله: ﴿فألقياه في العذاب﴾ أي الذي يزيل كل عذوبة ﴿الشديد *﴾.
ولما كان القرين قد قال ما تقدم مريداً به - جهلاً منه - الخلاص من العذاب بإظهار أنه ليس بأوصاف هذه النفس، بل من كبار المؤمنين، فأجيب مقاله بإلقاء تلك النفس معللاً للأمر بإلقائها بما شمل هذا القرين، فتشوف السامع إلى ما يكون من حاله، وكانت العادة جارية أن من تكلم في شخص بما فيه مثله ولا سيما إن كان هو السبب فيه أو كان قد تكلم ذلك الشخص فيه، فكان قياس ذلك يقتضي ولا بد أن تقول تلك النفس القول فيها، وهذا عند الأمر بإلقائها: ربنا هو أطغاني: أجاب تعالى عند هذا التشوف بقوله: ﴿قال قرينه﴾ منادياً بإسقاط الأداة دأب أهل أهل القرب إيهاماً أنه منهم: ﴿ربنا﴾ أيها المحسن إلينا أيتها الخلائق كلهم ﴿ما أطغيته﴾ أي أوقعته فيما كان فيه من الطغيان، فإنه لا سلطان لي عليه وأنت أعلم بذلك ﴿ولكن كان﴾ بجبلته وطبعه


الصفحة التالية
Icon