هذا الخبر عن هذا السؤال من الغفلة: ﴿هل امتلأت﴾ فصدق قولنا ﴿لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين﴾ [هود: ١١٩] وذلك بعد أن يلقى فيها من الخلائق ما لا يحيط به الوصف، فتقول: لا، ﴿وتقول﴾ طاعة لله ومحبة في عذاب أعدائه وإخباراً بأنها لم تمتلىء لأن النار من شأنها أنها كلما زيدت حطباً زادت لهباً: ﴿هل من مزيد *﴾ أي زيادة أو شيء من العصاة إزادة، سواء كان كثيراً أو قليلاً، فإني أسع ما يؤتى به إليّ ولا تزال كذلك كما ورد في الحديث «لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول هل من مزيد حتى يضع الجبار فيها قدمه» أي يضربها من جبروته بسوط إهانة فينزوي بعضها إلى بعض وتقول: قط قط وعزتك، ثم يستمرون بين دولتي الحر والزمهرير، وقد جعل الله سبحانه لذلك آية في هذه الدار باختلاف الزمان في الحر والبرد، فإذا أفرط الحر جاءت رحمته تعالى بالبرد وبالماء من السماء فامتزجا معاً فكان التوسط، وإذا أفرط البرد جاءت رحمته بالحر بواسطة الشمس، فامتزج الموجدان، فكان له توسط، وكل ذلك له دوائر موزونة بأقساط مقسطة معلومة بتقدير العزيز العليم - ذكر ذلك ابن برجان.
ولما ذكر النار وقدمها لأن المقام للإنذار، أتبعها دار الأبرار، فقال ساراً لهم بإسقاط مؤنة السير وطيّ شقة البعد: ﴿وأزلفت﴾ أي قربت بأيسر أمر مع الدرجات والحياض الممتلئة ﴿الجنة للمتقين﴾ أي العريقين في هذا الوصف، فإذا رأوها تسابقوا إليها وتركوا ما كانوا فيه من


الصفحة التالية
Icon