للإشارة إلى أنها خشية تكون مقرونة بالأنس يعني الرجاء كما هو المشروع، قال: ولذلك لم يقل ﴿الجبار﴾ أو ﴿القهار﴾ قال: ويقال: الخشية ألطف من الخوف، فكأنها قريبة من الهيبة ﴿بالغيب﴾ أي مصاحباً له من غير أن يطلب آية أو أمراً يصير به إلى حد المكاشفة، بل استغنى بالبراهين القاطعة التي منها أنه مربوب، فلا بد له من رب، وهو أيضاً بيان لبليغ خشيته.
ولما كان النافع من الطاعة الدائم إلى الموت، قال: ﴿وجاء﴾ أي بعد الموت ﴿بقلب منيب *﴾ أي راجع إلى الله تعالى بوازع العلم، ولم يقل: بنفس، لطفاً بالعصاة لأنهم وإن قصرت نفوسهم لم يكن لها صدق القدم فلهم الأسف بقلوبهم، وصدق الندم.
ولما كان الإخبار بكونها لهم وإن كان أمراً ساراً لا يقتضي دخولها في ذلك الوقت، زاد سرورهم بالإذن بقوله معبراً بضمير الجميع بياناً لأن المراد من «من» جميع المتقين: ﴿ادخلوها﴾ أي يقال لهم: ادخلوا الجنة. ولما كان المراد استقبالهم بالإلذاذ بالبشارة قال: ﴿بسلام﴾ أي مصاحبين للسلامة من كل يمكن أن يخاف، فأنتج ذلك قوله إنهاء للسرور إلى غاية لا توصف: ﴿ذلك﴾ أي اليوم العظيم جداً ﴿يوم﴾ ابتداء أو تقرير ﴿الخلود *﴾ أي الإقامة التي لا آخر لها ولا نفاذ لشيء من لذاتها أصلاً، ولذلك وصل به قوله جواباً لمن كأنه قال: على أي وجه خلودهم؟ :﴿لهم﴾ بظواهرهم وبواطنهم ﴿ما يشاؤون﴾ أي يتجدد