على الاستعداد الكامل فهو بحيث لا يحتاج إلى غير التدبر لما عنده من الكمال المهيأ بفهم ما يذكر به القرآن، والثاني القاصر بما عنده من كثافة الطبع فهو بحيث يحتاج إلى التعليم فيتذكر بشرط أن يقبل بكليته، ويزيل الموانع كلها، فلذلك حسن جداً موقع «أو» المقسمة وعلم منه عظيم شرف القرآن في أنه مبشر للكامل والناقص، ليس منه مانع غير الإعراض.
ولما دل على تمام علمه وشمول قدرته بخلق الإنسان إثر ما ذكره من جميع الأكوان، ثم بإعدامه لأصناف الإنسان في كل زمان، ذكر بخلق ما أكبر منه في المقدار والإنسان بعضه على وجه آخر، فقال عاطفاً على ﴿ولقد خلقنا الانسان﴾ وأكد تنبيهاً لمنكري البعث وتبكيتاً، وافتتحه بحرف التوقع لأن من ذكر بخلق شيء توقع الإخبار عما هو أكبر منه: ﴿ولقد خلقنا﴾ أي بما لنا من العظمة التي لا يقدر قدرها ولا يطاق حصرها ﴿السماوات والأرض﴾ على ما هما عليه من الكبر وكثرة المنافع ﴿وما بينهما﴾ من الأمور التي لا ينتظم الأمر على قاعدة الأسباب والمسببات بدونها ﴿في ستة أيام﴾ الأرض في يومين، ومنافعها في يومين، والسماوات في يومين، ولو شاء لكان ذلك في أقل من لمح البصر، ولكنه سن لنا التأني بذلك ﴿وما مسنا﴾ لأجل ما لنا من