بما لو دامت لأهلكت، ولو انقطعت لم يقدر أحد على قطرة منها، وبتفريق المطر وإلا هلك الحرث والنسل، والسفن بتسخير البحر لجريانها وتقدير الريح لها بما لو زاد لغرق، ولو ركد لأهلك، والملائكة تقسم الأمور بأمر ربها، كل ذلك دليل على وجود الصانع الحكيم، والفاطر العليم، القادر الماجد الكريم.
ولما كانوا يكذبون بالوعيد، أكد الجواب بعد التأكيد بنفس القسم فقال: ﴿إنما﴾ أي الذي ﴿توعدون﴾ أي من الوعد للطائع والوعيد للعاصي، وإن لم تروا أسبابه، ولما كان ما توعدوا به لتحقق وقوعه وقربه كأنه موجود يخاطبهم عن نفسه، عبر عن المصدر باسم الفاعل فقال: ﴿لصادق *﴾ أي مطابق الإخبار به للواقع، وسترون مطابقته له إذا وقع، وتعلمون أن ذلك الواقع حق ثابت لا خيال لمطابقته للخبر، قال ابن برجان: واعلم أن الله عز وجل ما أقسم بقسم إلا مطابقاً معناه لمعان في المقسم من أجله بسراج منير يهدي به الله تعالى من يشاء، وإنما يعمي عن رؤية ذلك ظواهر إشخاص للمحسوسات، ويصم عن إسماع ندائها ضوضاء المشاهدات، ولولا ذلك لنودوا بها من مكان قريب، وقال البيضاوي: كأنه استدل باقتداره على هذه الأشياء العجيبة المخالفة لمقتضى الطبيعة على اقتداره على البعث.
ولما كان أجل وعيدهم وما يتعلق بالجزاء يوم القيامة وكانوا ينكرونه، قال: ﴿وإن الدين﴾ أي المجازاة لكل أحد بما كسب يوم