أي المتجاوزين للحدود غير قانعين بما أبيح لهم.
ولما كان من المعلوم أن القوم يكونون تارة في مدر وتارة في شعر، وعلم من الآيات السالفة أن العذاب مختص بذوي الإسراف، سبب عن ذلك مفصلاً لخبرهم قوله تعالى معلماً أنهم في مدر: ﴿فأخرجنا﴾ بما لنا من العظمة بعد أن ذهبت رسلنا إليهم ووقعت بينهم وبين لوط عليهم السلام محاولات معروفة لم تدع الحال هنا إلى ذكرها، والملائكة سبب عذابهم، وأهل القرية المحاولون في أمرهم لا يعرفون ذلك، وهذه العبارة إن كانت إخباراً لنا كانت خبراً عما وقع لنعتبر به، وإن كانت لإبراهيم عليه السلام كان معناها أن الحكم الأعظم وقع بإخراجهم بشارة له بنجاتهم ﴿من كان فيها﴾ أي قراها. ولما كان القلب عماد البدن الذي به صلاحه أو فساده، فكان عمله أفضل الأعمال أنه به يكون استسلام الأعضاء أو جماحها، بدأ به فقال: ﴿من المؤمنين *﴾ أي المصدقين بقلوبهم لأنا لا نسويهم بالمجرمين فخلصناهم من العذاب على قلتهم وضعفهم وقوة المخالفين وكثرتهم، وسبب عن التعبس والستر والتعرض للظواهر والبواطن قوله: ﴿فما وجدنا﴾ أسند الأمر إليه تشريفاً لرسله إعلاماً بأن فعلهم فعله ﴿فيها غير بيت﴾ واحد وهو بيت لوط ابن أخي إبراهيم عليه السلام، وقيل: كان عدة الناجين منهم ثلاثة عشر، ولما كان الإسلام قد تطلق على الظاهر فقط وإن كان المراد هنا الأخص أخره فقال: ﴿من المسلمين *﴾ أي العريقين في الإسلام


الصفحة التالية
Icon