قسا قلبه ولم يعتبر ﴿العذاب الأليم *﴾ أي أن يحل بهم كما حل بهذه القرى في الدنيا من رفع الملائكة لهم في الهواء الذاري إلى عنان السماء وقلبهم وإتباعهم الحجارة المحرقة، وغمرهم بالماء المناسب لفعلهم بنتنه وعدم نفعه، وما ادخر لهم في الآخرة أعظم.
ولما قدم سبحانه أحق القصص الدالة على قسمه وما أقسم عليه بما فيها من خفاء الأسباب مع وجودها، ثم ما فيها من إنزال ما به الوعيد من السماء بالنار والماء الذي أشير إليه بالمقسمات، مع الفرقة بين المسلم والمجرم، أتبعها قصة من أيده بحاملات فيها مطر وبرد ونار مضطرمة، كما مضى بيانه في الأعراف، ثم بعد ذلك بريح فرقت البحر ونشفت أرضه ودخله فرعون والقبط، وهو واضح الأمر في أنه سبب لهلاكهم وهم لا يشعرون به، فقال عاطفاً على المقدر في قصة إبراهيم عليه السلام أو الظاهر في ﴿وفي الأرض﴾ أو على «في» التي في قوله ﴿وتركنا فيها آية للذين يخافون﴾ وهذا أقرب من غيره وأولى: ﴿وفي موسى﴾ أي في قصته وأمره آية على ذلك عظيمة ﴿إذ أرسلناه﴾ بعظمتنا ﴿إلى فرعون﴾ الذي كان قد أساء إلى إبراهيم عليه السلام بعد عظيم إحسانهم إله وإلى جميع قومه بما أحس إليهم يوسف عليه السلام ﴿بسلطان مبين *﴾ أي معجزات ظاهرة في نفسه منادية من شدة