ظهورها بأنها معجزة، فكان فيها دلالة واضحة على صدق وعيده ومع ذلك فلم ينفعهم علمها ولذلك سبب عنه وعقب به قوله: ﴿فتولى﴾ أي كلف نفسه الإعراض بعد ما دعاه علمها إلى الإقبال إليها، وأشار إلى توليه بقوله: ﴿بركنه﴾ أي بسب ما يركن إليه من القوة في نفسه وبأعوانه وجنوده أو بجميع جنوده - كناية عن المبالغة في الإعراض، ﴿وقال﴾ معلماً بعجزه عما أتاه به وهو لا يشعر: ﴿ساحر﴾ ثم ناقض كمناقضتكم فقال بجهله عما يلزم على قوله: ﴿أو مجنون *﴾ أي لاجترائه عليّ مع ما لي من عظيم الملك بمثل هذا الذي يدعو إليه ويتهدد عليه.
ولما وقعت التسلية بهذا للأولياء، قال تعالى محذراً للأعداء: ﴿فأخذناه﴾ أي أخذ غضب وقهر بعظمتنا بما استدرجناه به وأوهناه به من العذاب الذي منه سحاب حامل ماء وبرداً وناراً وصواعق ﴿وجنوده﴾ أي كلهم ﴿فنبذناهم﴾ أي طرحناهم طرح مستهين بهم مستخف لهم كما تطرح الحصيات ﴿في اليم﴾ أي البحر الذي هو أهل لأن يقصد بعد أن سلطنا الريح فغرقته لما ضربه موسى عليه السلام بعصاه ونشفت أرضه، فأيبست ما أبرزت فيه من الطرق لنجاة أوليائنا وهلاك أعدائنا ﴿وهو﴾ أي والحال أن فرعون ﴿مليم *﴾ أي آتٍ بما هو بالغ في استحقاقه الملامة، ويجوز


الصفحة التالية
Icon