بأصنامهم فإنهم كانوا يعملون معها ما ينفعها ويحضرون لها الأكل، فربما أكلتها الكلاب ثم بالت على الأصنام. ثم لا يصدهم ذلك، وهذه الآية دليل على أن الرزق أعم من الأكل، والتعبير بالإرادة دالّ على ما قلت إنه مقصود بالعبادة. وهو الجري تحت الإرادة، تارة بموافقة الشرع وتارة بمخالفته.
ولما كان الاهتمام بأمر الرزق - وقد ضمنه سبحانه - شاغلاً عن كثير من العبادة، وكان الإنسان يظن أن الذي حصل له ما حواه من الرزق سعيه، قال حاصراً ذلك مؤكداً إزالة لتلك الظنون معللاً لافتاً الكلام إلى سياق الاسم الأعظم الذي لم يتسم به غيره، نصاً على المراد وبالغاً من الإرشاد أقصى المراد: ﴿إن الله﴾ أي المحيط بجميع صفات الكمال المنزه عن شوائب النقص ﴿هو﴾ أي لا غيره ﴿الرزاق﴾ أي على سبيل التكرار لكل حي وفي كل وقت. ثم وصفه بما يبين هوان ذلك فقال: ﴿ذو القوة﴾ أي التي لا تزول بوجه ﴿المتين *﴾ أي الشديد الدائم الشدة.
ولما أقسم سبحانه على الصدق في وعيدهم، ودل على ذلك حتى بجميع قصد أحوالهم على إرادته. وختم بقوته التي لا حد لها، سبب عن ذلك إيقاعه بالمتوعدين، فقال مؤكداً لأجل إنكارهم: ﴿فإن للذين ظلموا﴾ أي الذين أوقعوا الأشياء في غير مواقعها. ولما كان القسم على ما


الصفحة التالية
Icon