﴿شجرة الزقوم﴾ إلى قوله: ﴿ذق إنك أنت العزيز الكريم﴾ والتحم هذا كله التحاماً يبهر العقول، ثم اتبع بذكر حال المتقين جرياً على المطرد من شفع الترغيب والترهيب ليبين حال الفريقين وينتج علم الواضح من الطريقين، ثم قال لنبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿فإنما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون﴾ وقد أخبره مع بيان الأمر ووضوحه أنه ﴿إنما يتذكر من يخشى﴾ ثم قال ﴿فارتقب﴾ وعدك ووعيدهم ﴿إنهم مرتقبون﴾.
ولما وصف ليلة إنزال هذا القرآن بالبركة، وأعلم أن من أعظم بركتها النذارة، وكانت النذارة مع أنها فرقت من البشارة أمراً عظيماً موجباً لفرقان ما بين المحاسن والمساوىء من الأعمال قائدة إلى كل خير بدليل أن أتباع ذوي البركة من العلماء، وإذا تعارض عندهم أمر العالم والظالم، قدموا أمر الظالم لما يخافون من نذارته، وأهملوا أمر العالم وإن عظم الرجاء لبشارته، قال معللاً لبركتها بعد تعليل الإنزال فيها، ومعمماً لها يحصل فيها من بركات التفضيل: ﴿فيها﴾ أي الليلة المباركة سواء قلنا: إنها ليلة القدر أو ليلة النصف أصالة أو مآلاً ﴿يفرق﴾ أي ينشر ويبين ويفصل ويوضح مرة بعد مرة ﴿كل أمر حكيم *﴾ أي محكم الأمر لا يستطاع أن يطعن فيه بوجه من جميع ما يوحى به من الكتب وغيرها والأرزاق والآجال والنصر والهزيمة والخصب


الصفحة التالية
Icon