الأمور عن أوجهها إلى اقفائها فهو ماش أبداً إلى ورائه فهو ماش إلى النار بظهره، ويستعمل، «وراء» في الإمام، فيكون حينئذ مجاراً عن الإحاطة أي تأخذهم من الجهة التي هم بها عالمون والجهة التي هم بها جاهلون، فتلقاهم بغاية التجهم والعبوسة والغيظ والكراهة ضد ما كانوا عليه عند العلم بالآيات المرئية والمسموعة من الاستهزاء الملازم للضحك والتمايل بطراً وأشراً، ومثل ما كانوا عليه عند الملاقاة للمصدقين بتلك الآيات.
ولما كانوا يظهرون الركون إلى ما بأيديهم من الأعراض الفانية، قال: ﴿ولا يغني عنهم﴾ أي في دفع ذلك ﴿ما كسبوا﴾ أي حصلوا من الأمور التي أفادتهم العز الذي أورثهم الاستهزاء ﴿شيئاً﴾ أي من إغناء. ولما كان هؤلاء لما هم عليه من العمى يدعون إغناء آلهتهم عنهم، قال مصرحاً بها: ﴿ولا ما اتخذوا﴾ أي كلفوا أنفسهم