بالصيد والغوص وغير ذلك ﴿من فضله﴾ لم يصنع شيئاً منه سواه. ولما كان التقدير: لتظهر عليكم آثار نعمته، عطف عليه قوله تعالى: ﴿ولعلكم تشكرون *﴾ أي ولتكونوا بحيث يرجوا منكم من ينظر حالكم ذلك الشكر من أنعم عليكم به ليزيدكم من فضله في الدنيا والآخرة.
ولما ذكر آية البحر لعظمتها، عم بمنافع الخافقين دلالة على أنه ما خلق ذلك كله، على عظمه إلا لنا، تنبيهاً على أن الأمر عظيم فقال تعالى: ﴿وسخر لكم﴾ أي خاصة ولو شاء لمنعه ﴿ما في السماوات﴾ بإنزاله إليكم منبهاً على أنها بحيث لا يمكنكم الوصول إليه بوجه، وأكد بإعادة الموصول لأن السياق للدلالة على عزته وحكمته الدالتين على توحده باستحقاق العبادة الذي هم له منكرون كما دلتا على توحده بالإيجاد والسيادة وهم معترفون بذلك بألسنتهم، وأفعالهم أفعال من ينكره، فقال: ﴿وما في الأرض﴾ وأوصلكم إليه ولو شاء لجعلكم كما في السماء لا وصول لكم إليه، وأكد ما دل على ما مضى من العموم بقوله: ﴿جميعاً﴾ حال كون ذلك كله من أعيان تلك الأشياء ومن تسخيرها ﴿منه﴾ لا صنع لأحد غيره في شيء منه في ذلك، قال الرازي في اللوامع: قال أبو يعقوب النهر جوري: سخر لك الكل لئلا يسخرك منها شيء،