له من شدة طواعته تكوين لا تكليف: ﴿قل﴾ أي بقالك وحالك ﴿للذين آمنوا﴾ أي ادعوا التصديق بكل ما جاءهم من الله: اغفروا تسنناً به من أساء إليكم. ولما كان هذا الأمر في الذروة من اقتضاء الإحسان إلى المسيء فكيف بالصفح عنه، كان كأنه علة مستقلة في الإقبال عليه والقبول منه والإعراض عن مؤاخذة المسيء، فإن ذلك يقدح في كمال الإقبال عليه مع أن من كان يريد هو سبحانه الانتقام منه فهو يكفي أمره، ومن لم يرد ذلك منه فلا حيلة في كفه بوجه فالاشتغال به عبث فنبه على ذلك بأن جعل جواب الأمر قوله: ﴿يغفروا﴾ أي يستروا ستراً بالغاً.
ولما كان العاقل من سعى جهده في نفع نفسه، وكان الأذى لعباد الله مظنة لتوقع الغضب منه وقادحاً فيما يرجى من إحسانه قال: ﴿للذين﴾ وعبر في موضع ﴿أساؤوا إليهم﴾ بقوله تعالى: ﴿لا يرجون﴾ أي حقيقة ومجازاً، والتعبير في موضع الخوف بالرجاء لما فيه من الاستجلاب والترغيب والتأليف والاستعطاف، وقال بعد ما نبه عليه بتلك العبارة من جليل الإشارة: ﴿أيام الله﴾ أي مثل


الصفحة التالية
Icon