من التوراة، دل على ذلك من التدبير المحكم الذي اقتضته حكمة التربية فقال: ﴿رب﴾ أي مالك ومنشئ ومدبر ﴿السماوات﴾ أي جميع الأجرام العلوية ﴿والأرض﴾ وما فيها ﴿وما بينهما﴾ مما تشاهدون من هذا الفضاء، وما فيه من الهواء وغيره، مما تعلمون من اكتساب العباد، وغيرهما مما لا تعلمون، ومن المعلوم أنه ذو العرش والكرسي فعلم بهذا أنه مالك الملك كله.
ولما كانوا مقرين بهذا الربوبية ويأنفون من وصفهم بأنهم غير محققين لشيء يعترفون به، أشار إلى ما يلزمهم بهذا الإقرار إن كانوا كما يزعمون من التحقيق فقال: ﴿إن كنتم موقنين *﴾ أي إن كان لكم إيقان بأنه الخالق لما ركز في غرائزكم وجبلاتكم رسوخ العلم الصافي السالم عن شوائب الأكدار من حظوظ النفوس وعوائق العلائق، فأنتم تعلمون أنه لا بد لهذه الأجرام الكثيفة جداً المتعالي بعضها عن بعض بلا ممسك تشاهدونه مع تغير كل منها بأنواع الغير من رب، وأنه لا يكون وهي على هذا النظام إلا وهو


الصفحة التالية
Icon