عبر بالكسب الذي هو أخص من العمل فقال: ﴿كسبت﴾ أي كسبها من خير أو شر، فيكون ما وقع الوعد به مطابقاً لكسبها ﴿وهم﴾ أي والحال أنهم ﴿لا يظلمون *﴾ أي لا يوجد من موجد ما في وقت من الأوقات جزاء لهم في غير موضعه، وهذا على ما جرت به عوائدكم في العدل والفضل، ولو وجد منه سبحانه غير ذلك لم يكن ظلماً منه لأنه المالك المطلق والملك الأعظم، فلو عذب أهل سماواته وأهل أرضه كلهم لكان غير ظالم لهم في نفس الأمر، فهذا الخطاب إنما هو على ما نتعارفه من إقامة الحجة بمخالفة الأمر.
ولما بين غاية البيان أنه الإله وحده بما له من الإحاطة بجميع صفات الكمال، وأنه لا بد من جمعه الخلائق ليوم الفصل للحكم بينهم بما له من الحكمة والقدرة، وحقر الهوى ونهى عن اتباعه، وكانوا هم قد عظموه بحيث جعلوه معبوداً، فلزم من ذلك تحقيرهم الإله، ولم يرجعوا عن ضلالهم، تسبب عن ذلك التعجيب ممن يظن أنه يقدر


الصفحة التالية
Icon