والتعبير بما هو من الذكر على أنه المحفوظ للإنسان بما هيأ له من تيسير أمره ﴿فهل من مدكر *﴾ قال البخاري في آخر صحيحه: قال مطر الوراق: هل من طالب علم فيعان عليه، وقد تكررت هذه الموعظة في هذه السورة أربع مرات، وذكرت الجملة الأخيرة منها منفكة عن تيسير القرآن مرتين: مرة في أول القصص وهي قصة نوح عليه السلام، ومرة كما يأتي في آخرها، وذلك عقب قصة فرعون وهو قوله: ﴿فكيف كان عذابي ونذر﴾ مثل ذلك، وكررت ﴿فبأي ألاء ربكما تكذبان﴾ في الرحمن إحدى وثلاثين مرة، فنظرت في سر ذلك فظهر لي - والله الهادي - أن الذي تقدم في سورة المفصل على هذه السورة أربع سور هذه السورة خاتمتها فأشير إلى التذكر بكل سورة منها حثاً على تدبرها بآية ختمت كلماتها بكلمة عادت حروفها في السور الخمس وأدغم حرف منها في آخر بعد قلب كل منهما، فكانت هذه الكلمة التي مدلولها الذكر مشيرة إلى الحواس الخمس الظاهرة التي هي مبادئ العلم، وكان ما في أول هذه المواعظ وآخرها لخلوه عن ذكر القرآن موازياً للحرفين اللذين طرفهما للوهن بالتعبير والقلب لكن كان الحرفان بالإدغام كحرف واحد، كانت الجملتان الموازيتان لهما كآية واحدة من تلك الأربع، وكان هذا الأول والآخر مشاراً به إلى هذه السورة التي جمعت التذكير بالسورة الأربع، وأعريت عن ذكر تيسير القرآن لافتتاح السور السور بمحو وما يقرب من المحو وهو آية الليل والتيسير فيها والساعة التي هي أغيب الغيب، وكل من فيها سوى الله محو لسلب الأمر كله عنهم وخصت بها الأولى والآخرة


الصفحة التالية
Icon