ووصف سيرهم إلى الداعي بالإسراع، ناسب أن يعبر عن عذابهم بأقل ما يمكن، فعبر باليوم الذي يراد به الجنس الشامل للقليل والكثير وقد يعبر به عن مقدار من الزمان يتم فيه أمر ظاهر سواء لحظة أو أياماً أو شهوراً أو كثيراً من ذلك أو أقل كيوم البعث ويوم بدر ويوم الموت بقوله تعالى: - ﴿إلى ربك يومئذ المساق﴾ -[القيامة: ٣٥] :﴿في يوم﴾ وأكد شؤمها بذم زمانها فقال: ﴿نحس﴾ أي شديد القباحة، قيل: كان يوم الأربعاء آخر الشهر وهو شوال لثمان بقيت إلى غروب الأربعاء، وحقق لأن المراد باليوم الجنس لا الواحد بالوصف فقال: ﴿مستمر *﴾ أي قوي في نحوسته نافذ ماض فيما أمر به من ذلك شديد أسبابه، موجود مرارته وجوداً مطلوباً من مرسله في كل وقت، مستحكم المرارة قويها دائمها إلى وقت إنفاذ المراد.
ولما علم وصفها في ذاتها، أتبعه وصفها بما يفعل فيه فقال: ﴿تنزع﴾ أي تأخذ من الأرض بعضهم من وجهها وبعضهم من حفر حفروها ليتمنعوا بها من العذاب، وأظهر موضع الإضمار ليكون نصاً في الذكور، والإناث فعبر بما هو من النوس تفضيلاً لهم فقال: ﴿الناس﴾ الذين هم صور لا ثبات لهم بأرواح التقوى، فتطيرهم بين السماء والأرض كأنهم الهباء المنثور، فتقطع رؤوسهم من جثثهم وتغير ألوانهم تعتيماً لهم إلى السواد، ولذا قال: ﴿كأنهم﴾ أي حين ينزعون فيلقون لا أرواح فيهم كأنهم ﴿أعجاز﴾ أي أصول ﴿نخل﴾ قطعت رؤوسها. ولما كان الحكم هنا على ظاهر حالهم، وكان الظاهر دون الباطن، حمل على اللفظ قوله: ﴿منقعر *﴾


الصفحة التالية
Icon