ونحن في غاية الإبصار على سبيل الإخزاء، والامتهان والإذلال: ﴿اصلوها﴾ أي باشروا حرها وقاسوه وواصلوه كما كنتم تواصلون أذى عبادي بما يحرق قلوبهم ﴿فاصبروا﴾ أي فيتسبب عن تكذيبكم في الدنيا ومباشرتكم لها الآن أن يقال لكم: اصبروا على هذا الذي لا طاقة لكم به ﴿أو لا تصبروا﴾ فإنه لا محيص لكم عنها ﴿سواء عليكم﴾ أي الصبر والجزع.
ولما كان المعهود أن الصبر له مزية على الجزع، بين أن ذلك حيث لا تكون المصيبة إلا على وجه الجزاء الواجب وقوعه فقال معللاً: ﴿إنما تجزون﴾ أي يقع جزاؤكم الآن وفيما يأتي على الدوام ﴿ما كنتم﴾ أي دائماً بما هو لكم كالجبلة ﴿تعملون *﴾ مع الأولياء غير مبالين بهم، فكان هذا ثمرة فعلكم بهم.
ولما ذكر ما للمكذبين من العذاب المشار إليه بكلمات القسم، أتبعه ما لأضدادهم من الثواب المنبه عليه أيضاً بتلك الكلمات ليتم الخبر ترغيباً وترهيباً، فقال جواباً لمن كأنه قال: فما لمن عاداهم فيك؟ مؤكداً لما للكفار من التكذيب: ﴿إن المتقين﴾ أي الذين صارت التقوى لهم صفة راسخة ﴿في جنات﴾ أي بساتين دائماً في الدنيا حكماً وفي الآخرة.
ولما كانت البساتين ربما يشقى داخلها أو صاحبها، نفى هذا بقوله: