يدعى شيء منه لصالح عليه الصلاة والسلام، فكان الكلام معيناً لهم في الكذب قاصراً عليهم بسياقه على هذا الوجه المبهم المنصف الذي فيه من روعة القلب وهز النفس ما لا يعلمه حق علمه إلا الله تعالى، وكلما كان الإنسان أسلم طبعاً وأكثر علماً كان له أعظم ذوقاً.
ولما علم من هذا أنه سبحانه فصل الأمر بينهم، تشوف السامع إلى علم ذلك فقال تعالى مستأنفاً دالاً بأنهم طالبوه بآية دالة على صدقه: ﴿إنا﴾ أي بما لنا من العظمة ﴿مرسلو الناقة﴾ أي موجدوها ومخرجوها كما اقترحوا من حجر أهلناه لذلك وخصصناه من بين الحجارة دلالة على إرسالنا صالحاً عليه السلام: مخصصين له من بين قومه، وذلك أنهم قالوا لصالح عليه السلام: نريد أن نعرف المحق منا بأن ندعو آلهتنا وتدعو إلهك فمن أجابه إلهه علم أنه المحق، فدعوا أوثانهم فلم تجبهم، فقالوا: ادع أنت، فقال: فما تريدون؟ قالوا: تخرج لنا من هذه الصخرة ناقة تبعر عشراء، فأجابهم إلى ذلك بشرط الإيمان، فوعدوه بذلك وأكدوا فكذبوا بعد ما كذبوا في أن آلهتهم تجيبهم، وصدق هو صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كل ما قال فأخبره ربه سبحانه أنه يجيبهم إلى إخراجها ﴿فتنة لهم﴾ أي امتحاناً يخالطهم به فيميلهم عن حالتهم التي وعدوا بها ويجيبهم عنها، وسبب سبحانه عن ذلك أمره بانتظارهم فيما يصنعون بعد إخراجهم لما توصلهم إليه عواقب الفتنة فقال: ﴿فارتقبهم﴾ أي كلف نفسك انتظارهم فيما يكون لهم جزاء على أعمالهم انتظار من يحرسهم وهو عالم عليم فإنهم واصلون بأعمالهم إلى الداهية التي تسمى بأم العرقوب


الصفحة التالية
Icon