أصابع رجليه حين عاطوه ذلك أي سألوه فيه فطاوعهم وتناول الناقة بذلك السيف غير مكترث ولا مبال ﴿فعقر *﴾ أي فتسبب عن هذا الجد العظيم أن صدق فيما أثبت لهم الكذب في الوعد بالإحسان إليها والأشر، وهو إيقاع العقر الذي ما كان في ذلك الزمان عقر مثله وهو عقر الناقة التي هي آية الله وإهلاكها.
ولما وقع كذبهم على هذا الوجه العظيم المبني على غاية الأشر، حقق الله تعالى صدقه في توعدهم على تقدير وقوع ذلك، فأوقع عذابهم سبحانه على وجه هو من عظمه أهل لأن يتساءل عنه، فنبه سبحانه على عظمة بإيراده في أسلوب الاستفهام مسبباً عن فعل الأشقى فقال: ﴿فكيف كان﴾ وحافظ على مقام التوحيد كما مضى فقال: ﴿عذابي﴾ أي كان على حال ووجه هو أهل لأن يجتهد في الإقبال على تعرفه والسؤال عنه ﴿ونذر *﴾ أي إنذاري. ولما علم تفرغ ذهن السائل الواعي، استأنف قوله مؤكداً إشارة إلى أن عذابهم مما يستلذ وينجح به، وإرغاماً لمن يستبعد النصيحة الواحد بفعل مثل ذلك، وإعلاماً بأن القدرة على عذاب من كذب من غيرهم كهي على عذابهم فلا معنى للتكذيب: ﴿إنا﴾ بما لنا من العظمة ﴿أرسلنا﴾ إرسالاً عظيماً، ودل على كونه عذاباً بقوله: ﴿عليهم صيحة﴾ وحقر شأنهم بالنسبة إلى عظمة عذابهم بقوله تعالى: ﴿واحدة﴾ صاحها عليهم جبريل عليه السلام فلم يكن بصيحته هذه التي هي واحدة طاقة، وتلاشى عندها صياحهم حين نادوا صاحبهم لعقر الناقة. ولما تسبب عنها هلاكهم قال: ﴿فكانوا﴾ كوناً


الصفحة التالية
Icon