ما قبلها من القصص ﴿بالنذر *﴾ أي الإنذار والإنذارات والمنذرين، ودل على تناهي القباحة في مرتكبهم بتقديم الإخبار عن عذابهم فقال: ﴿إنا﴾ أي بما لنا من العظمة ﴿أرسلنا﴾ ودل على أنه إرسال إهانة بقوله: ﴿عليهم﴾ ودل على هوانهم وبلوغ أمره كل ما يراد به بقوله: ﴿حاصباً﴾ أي ريحاً ترمي بحجارة هي دون ملء فكانت مهلكة لهم محرقة خاسفة مفرقة ﴿إلا آل لوط﴾ وهم من آمن به وكان بحيث إذا رأيته فكأنك رأيت لوطاً عليه السلام لما يلوح عليه من أفعاله والمشي على منواله في أقواله وأحواله وأفعاله.
ولما كان استثناؤهم مفهماً إنجاءهم مع التجويز لإرسال شيء عليهم غير مقيد بما ذكر، قال مستأنفاً جواباً لمن كأنه قال: ما حالهم: ﴿تجيناهم﴾ أي تنجية عظيمة بالتدريج، وذكر أول الشروع لإنجاءهم فقال: ﴿بسحر *﴾ أي بآخر ليلة من الليالي وهي التي عذب فيها قومه، فكأنه تنكيره لأنا لا نعرف تلك الليلة بعينها، ولو قصدت سحر الليلة التي صبحت منها كان معرفة لا ينصرف، والسحر: السدس الأخير من الليل: الوقت الذي يكون فيه الإنسان لا سيما النساء والأطفال في غاية الغفلة بالاستغراق في النوم، ويفتح الله فيها أبواب السماء باذن الدعاء ليحصل منه الإجابة لأن الملوك إذا فتحوا أبوابهم كان ذلك إذناً للناس في الدخول لقضاء الحوائج، فالنزول وفتح الأبواب كناية عن ذلك - والله سبحانه وتعالى متعال عن حاجة إلى نزول أو فتح باب أو غير ذلك.
ولما كان المراد من الموعظين الطاعة التي هي سبب النجاة، فلذا


الصفحة التالية
Icon