على حدتها لأن يتعظ بها، علم أن التقدير: فلقد بلغت هذه المواعظ النهاية لمن كان له قلب، فعطف عليه قوله مذكراً بالنعمة التي لا عدل لها: ﴿ولقد يسرنا﴾ أي تعالى جدنا وتناهى مجدنا ﴿القرآن﴾ الجامع الفارق ﴿للذكر﴾ ولو شئنا لأعليناه بما لنا من العظمة إلى الحد حتى تعجز القوي عن فهمه، كما أعليناه إلى رتبة وقفت القوى عن معارضته في نظمه، أو مطلع لا يتشبث بأذيال أدنى علمه، إلا الأفراد من حذاق العباد، فكيف بما فوق ذلك.
ولما كانوا مع ذلك واقفين عن المبادرة إليه والإقبال عليه، قال تلطفاً بهم وتعطفاً عليهم مسبباً عن ذلك: ﴿فهل﴾ وأكد فقال: ﴿من مدكر *﴾ مفتك لنفسه من مثل هذا الذي أوقع فيه هؤلاء أنفسهم ظناً منهم أن الأمر لا يصل إلى ما وصل إليه جهلاً منهم وعدم اكتراث بالعواقب.
ولما كان الآخر ينبغي له أن يحذر ما وقع للأول، وكان قوم فرعون قد جاء بعد قوم لوط عليه السلام، فكان ربما ظن أنهم لم ينذروا لأن من علم أن العادة جرت أن من كذب الرسل هلك أنكر أن يحصل ممن تبع ذلك تكذيب، قال مقسماً: ﴿ولقد جاء آل فرعون﴾ أي ملك القبط بمصر وأشرافه الذين إذا رؤوا كان كأنه رئي فيهم لشدة قربهم منه وتخلقهم بأخلاقهم ﴿النذر *﴾ أي الإنذارات والمنذرون بنذارة موسى وهارون عليهما السلام، فإن نذارة بعض الأنبياء كنذارة الكل لأنه يأتي أحد منهم إلا وله من الآيات ما مثله آمن


الصفحة التالية
Icon