يناويه لأنهم على قلب رجل واحد، فالإفراد للفظ «جميع» ولإفهام هذا المعنى، أو أن كل واحد محكوم له بالانتصار.
ولما كان لسان الحال ناطقاً بأنهم يقولون: هذا كله فأي الفريقين خير مقاماً وأحسن ندياً ونحوها، وقال بعضهم: لئن بعثنا لأوتينا وولداً، ولا شك أنهم كانوا في غاية الاستحالة لغلبة المؤمنين لهم على قلتهم وضعفهم، استأنف الجواب بقوله: ﴿سيهزم﴾ بأيسر أمر من أي هازم كان بوعد لا خلف فيه، وقراءة الجمهور بالبناء للمفعول مفهمة للعظمة بطريقة كلام القدرين، فهي أبلغ من قراءة يعقوب بالنون والبناء للفاعل الدالة على العظمة صريحاً ﴿الجمع﴾ الذي تقدم أنه بولغ في جمعه فصدق الله وعده وهزموا في يوم بدر وغيره في الدنيا عن قريب، ولم يزالوا يضعفون حتى اضمحل أمرهم وزال بالكلية سرهم، وهي من دلائل النبوة البينة ﴿ويولون الدبر *﴾ أي يقع توليتهم كلهم بهذا الجنس بأن يكون والياً لها من منهم مع الهزيمة لأنه لم يتولهم في حال الهزيمة نوع مسكنة يطمعون بها في الخيار، وكل من إفراد الدبر والمنتصر وجمع المولين أبلغ مما لو وضع غيره موضعه وأقطع للتعنت.
ولما ونقع هذا في الدنيا، وكان في يوم بدر، وكان ذلك من أعلام النبوة، وكان ربما ظن ظان أن ذلك هو النهاية، كان كأنه قيل: ليس ذلك الموعد الأعظم: ﴿بل الساعة﴾ القيامة التي يكون فيها الجمع الأعظم والهول الأكبر ﴿موعدهم﴾ أي الأعظم للجزاء المتوعد به


الصفحة التالية
Icon