﴿تكذبان *﴾ أبنعمة اللمس من جهة التحت أم غيرها مما جعله الله في الدنيا مثالاً لهذا من أن بعض البساتين أفضل من بعض إلى غير ذلك من أنواع التفضيل.
ولما كان ما في هاتين من الماء دون ما في الباقيتين، فكان ربما ظن أن ماءهما لا يقوم بأعلى كفايتهما قال: ﴿مدهامتان *﴾ أي خضراوان خضرة تضرب من شدة الري إلى السواد، من الدهمة، قال الأصبهاني: الغالب على هاتين الجنتين النبات والرياحين المنبسطة على وجه الأرض وفي الأوليين الأشجار والفواكه ﴿فبأيِّ آلاء ربكما﴾ أي نعم المحسن إلى العالي منكما ومن دونه بسعة رحمته ﴿تكذبان *﴾ أبنعمة الذوق من جهة الأمام أم غيرها مما جعله مثالاً لذلك من جنان الدنيا الكثيرة الري وغيره.
ولما كان ذكر ما يدل على ريهما، حققه بقوله: ﴿فيهما﴾ أي في كل جنة لكل شخص منهم ﴿عينان نضاختان *﴾ أي تفوران بشدة توجب لهما رشاش الماء بحيث لا ينقطع ذلك، ولم يذكر جريهما فكأنهما بحيث يرويان جنتهما ولا يبلغان الجري، والنضخ دون الجري وفوق النضخ، قال الأصبهاني: وأصل النضخ بالمعجمة - انتهى. وكأنهما لمن تغرغر عيناه بالدمع فتمتلئان من غير جري، وقال ابن برجان ما معناه إن حر (؟) عدم جريهما لكونهما على مثال جنة خريف ما ههنا وشتاء به لبعد عهدهما بنزول الماء وسكنا في أعماق الأرض