الأبرار أو أصحاب اليمين، وكأنهم من أولي القلب الذي هو العدل السواء من أصحاب المشأمة إلى آخر أصحاب الميمنة فأصحاب السواء هم المقربون، وبقية أصحاب الميمنة أصحاب اليمين، وأصحاب المشأمة هم أصحاب القسم الثالث، وكل من الثلاثة ينقسم إلى أعلى ودونه، وقد تبينت الأقسام الثلاثة آخر السورة، قال البيضاوي: وكل صنف يكون أو يذكر مع صنف آخر زوج.
ولما قسمهم إلى ثلاثة أقسام وفرع تقسيمهم، ذكر أحوالهم وابتدأ ذلك بالإعلام بأنه ليس الخبر كالخبر كما أنه ليس العين كالأثر فقال: ﴿فأصحاب الميمنة *﴾ أي جهة اليمين وموضعها وأعمالها، ثم فخم أمرهم بالتعجيب من حالهم بقوله منبهاً على أنهم أهل لأن يسأل عنهم فيما يفهمه اليمين من الخير والبركة فكيف إذا عبر عنها بصيغة مبالغة فقال: ﴿ما﴾ وهو مبتدأ ثان ﴿أصحاب الميمنة *﴾ أي جهة اليمين وموضعها وأعمالها، والجملة خبر عن الأولى، والرابط تكرار المبتدأ بلفظه، قال أبو حيان رحمه الله تعالى: وأكثر ما يكون ذلك في موضع التهويل والتعظيم.
وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير: لما تقدم الإعذار في السورتين المتقدمتين والتقرير على عظيم البراهين، وأعلم في آخر سورة القمر أن كل واقع في العالم فبقضائه سبحانه وقدره ﴿إنا كل شيء خلقناه بقدر﴾ [