أي متكئين هيئة المتربع أو غيرها من الجنب أو غيرها ﴿عليها﴾ ولما كان الجمع إذا كثر كان ظهور بعض أهله إلى بعض، أعلم أن جموع أهل الجنة على غير ذلك فقال: ﴿متقابلين *﴾ فلا بعد ولا مدابرة لا ينظر بعضهم إلى قفا بعض ولا يكره بعضهم بعضاً.
ولما كان المتكىء قد يصعب عليه القيام لحاجته قال: ﴿يطوف عليهم﴾ أي لكفاية كل ما يحتاجون إليه ﴿ولدان﴾ على أحسن صورة وزي وهيئة ﴿مخلدون *﴾ قد حكم ببقائهم على ما هم عليه من الهيئة، قال البغوي: تقول العرب لمن كبر ولمن شمط: إنه مخلد، قال: قال الحسن: هم أولاد أهل الدنيا، لم يكن لهم حسنات يثابون عليها ولا سيئات يعاقبون عليها لأن الجنة لا ولادة فيها، فهم خدام أهل الجنة.
ولما كان مدحهم هذا في غاية الإبلاغ مع الإيجاز، وكان فيه - إلى تبليغ ما لهم - تحريك إلى مثل أعمالهم، وكان الأكل الذي هو من أعظم المآرب مشاراً إليه بالمدح العظيم الذي من جملته الاستراحة على الأسرة التي علم أن من عادة الملوك أنهم لا يتسنمونها إلا بعد قضاء الوطر منه فلم يبق بعده إلا ما تدعو الحاجة إليه من المشارب وما يتبعها قال تعالى: ﴿بأكواب﴾ أي كيزان مستديرة الأفواه بلا عرى ولا خراطيم لا يعوق الشارب منها عائق عن الشرب من أي موضع أراد منها فلا يحتاج أن يحول الإناء إلى الحالة التي تناوله عنها ليشرب، ويمكن أن تكون