تنبيهاً على أنهم وإن كانوا معترفين بتفرده بالإبداع، فإن إنكارهم للبعث مستلزم لإنكارهم لذلك فقال: ﴿ءأنتم تخلقونه﴾ أي توجدونه مقدراً على ما هو عليه من الاستواء والحكمة بعد خلقه من صورة النطفة إلى صورة العلقة ثم من صورة العلقة إلى صور المضغة ثم منها إلى صور العظام والأعصاب ﴿أم نحن﴾ خاصة. ولما كان المقام لتقرير المنكرين ذكر الخبر المفهوم من السياق على وجه أفهم أن التقدير: أو أنتم الخالقون له أم نحن؟ فقال: بل نحن ﴿الخالقون *﴾ أي الثابت لنا ذلك، فالآية من الاحتباك: ذكر أولاً ﴿تخلقون﴾ دليلاً على حذف مثله له سبحانه ثانياً، وذكر الاسم ثانياً دليلاً على حذف مثله لهم أولاً، وسر ذلك أنه ذكر ما هو الأوفق لأعمالهم مما يدل على وقت التجدد ولو وقتاً ما، وما هو الأولى بصفاته سبحانه مما يدل على الثبات والدوام.
ولما كان الجواب: أنت الخالق وحدك، وكان الطبيعي ربما قال: اقتضى ذلك الحرارة المخمرة للنطفة، وكانت المفاوتة للآجال مع المساواة في اسمية الحياة من الدلائل العظيمة على تمام القدرة على الإفناء والإبداء بالاختيار مبطلة لقول أهل الطبائع دافعة لهم، أكد ذلك الدليل بقوله: ﴿نحن﴾ أي بما لنا من العظمة لا غيرنا ﴿قدرنا﴾ أي تقديراً