ولما كان تعظيم الاسم أقعد في تعظيم المسمى قال: ﴿باسم﴾ أي متلبساً بذكر اسم ﴿ربك﴾ أي المحسن بعد التربية إليك بهذا البيان الأعظم بما خصك به مما لم يعطه أحداً غيرك، وأثبتوا ألف الوصل هنا لأنه لم يكثر دوره كثرته في البسملة منها وحذفوه منها لكثرة دورها وهم شأنهم الإيجاز وتقليل الكثير إذا عرف معناه، وهذا معروف لا يجهل، وإثبات ما أثبت من أشكاله مما لا يكثر دليل على الحذف منه، وكذا لا تحذف الألف مع غير الباء في اسم الله ولا مع الباء في غير الجلالة من الأسماء لما تقدم من العلة.
ولما كان المقام للتعظيم قال: ﴿العظيم *﴾ الذي ملأ الأكوان كلها عظمة، فلا شيء منها إلا وهو مملوء بعظمته تنزهاً عن أن تلحقه شائبة نقص أو يفوته شيء من كمال، قال القشيري: وهذه الآيات التي عددها سبحانه تمهيد لسلوك طريق الاستدلال وكما في الخبر «تفكر ساعة خير من عبادة ستين سنة» هذه الفكرة التي نبه الله عليها.
ولما كان من العظمة الباهرة ما ظهر في هذه السورة من أفانين الإنعام في الدارين، وبدأ بنعمة الآخرة لكونها النتيجة، ثم دل عليها بإنعامه في الدنيا فكان تذكيراً بالنعم لتشكر، ودلالة على النتيجة لتذكر، وفي كل حالة تستحضر فلا تكفر، فوصلت الدلالة إلى حد هو أوضح من المحسوس وأضوأ من المشموس، وكان مع هذه الأمور الجليلة


الصفحة التالية
Icon