ولما ذكر الصنفين الناجيين، أتبعهما الهالكين جامعاً لهم في صنف واحد لأن من أريدت له السعادة يكفيه ذلك، ومن ختم بشقائه لا ينفعه ذلك الإغلاظ والإكثار فقال ﴿وأما إن كان﴾ أي ذلك الذي أخذناه من أصحاب المشأمة وأنتم حوله تنقطع أكبادكم له ولا تقدرون له على شيء أصلاً ﴿من المكذبين﴾.
ولما كان المكذب تارة يكون معانداً، وتارة يكون جاهلاً مقتصراً، قال: ﴿الضالين﴾ أي أصحاب الشمال الذين وجهوا وجهة هدى فزاغوا عنها لتهاونهم في البعث ﴿فنزل﴾ أي لهم وهو ما يعد للقادم على ما لاح ﴿من حميم *﴾ أي ماء متناه في الحرارة بعد ما نالوا من العطش كما يرد أصحاب الميمنة الحوض كما يبادر به القادم ليبرد به غلة عطشه ويغسل به وجهه ويديه ﴿وتصلية جحيم *﴾ أي لهم بعد النزل يصلوا النار الشديدة التوقد صلياً عظيماً.
ولما تم ما أريد إثبات البعث على هذا الوجه المحكم البين، وكانوا مع البيان يكذبون به، لفت الخطاب عنهم إلى أكمل الخلق، وأكد تسميعاً لهم فقال سائقاً له مساق النتيجة: ﴿إن هذا﴾ أي الذي ذكر في هذه السورة من أمر البعث الذي كذبوا به في قولهم ﴿إننا لمبعوثون﴾ ومن قيام الأدلة عليه. ولما كان من الظهور في حد لا يساويه فيه غيره. زاد في التأكيد على وجه التخصيص فقال:


الصفحة التالية
Icon