على استحقاق التسبيح من كل شيء وفي كل حال ﴿لله﴾ أي الملك المحيط بجميع صفات الكمال ﴿ما في السماوات﴾ أي الأجرام العالية والذي فيها وهي الأرض ومن فيها وكل سماء ومن فيها، وما بينهما لأنها كلها في العرش الذي هو أعلى الخلق.
ولما كان الكلام آخر الواقعة مع أهل الخصوص بل هو أخص أهل الخصوص، لم يحتج إلى تأكيد فحذف ما جعلا للخافقين كشيء واحد لأن نظره لهما نظر علو نظراً واحداً لما أخبر به عنهما من التنزيه فقال: ﴿والأرض *﴾ أي وما فيها وكذا نفس الأراضي كما تقدم، فشمل، ذلك جميع الموجودات لأنه إذا سبح ذلك كله فتسبيح العرش بطريق الأولى وتنزيه هذه الأشياء بما فيها من الآيات الدالة على أنه سبحانه لا يلم بجنابه شائبة نقص، وأن كل شيء واقف على الباب يشاهد الطلب، قال القشيري: التسبيح: التقديس والتنزيه، ويكون بمعنى سباحة الأسرار في بحار الإجلال، فيظفرون بجواهر التوحيد، وينظمونها في عقد الإيمان، ويرصعونها في أطواق الوصلة.
ولما قرر ذلك، دل على أنه لا قدرة لشيء على الانفكاك عنه، وأن له كل كمال، فهو المستحق للتسبيح والحمد فقال: ﴿وهو﴾ أي وحده ﴿العزيز﴾ الذي يغلب كل شيء ولا يغلبه شيء ﴿الحكيم *﴾ الذي أتقن كل شيء صنعه.
وقال الأستاذ أبو جعفر بن الزبير العاصمي في برهانه: لما تقدم قوله