﴿ويميت﴾ أي له هاتان الصفتان على سبيل الاختيار والتجد والاستمرار، فهو قادر على البعث بدليل ما ثبت له من صفة الإحياء. ولما كان هذا شاملاً للقدرة على التجديد والإعادة، عم الحكم بقوله: ﴿وهو على كل شيء﴾ أي من الإحياء والإماتة وغيرهما من كل ممكن ﴿قدير *﴾ أي بالغ القدرة إلى حد لا يمكن الزيادة عليه.
ولما أخبر بتمام القدرة، دل على ذلك بقوله: ﴿هو﴾ أي وحده ﴿الأول﴾ أي بالأزلية قبل كل شيء فلا أول له، والقديم الذي منه وجود كل شيء وليس وجوده من شيء لأن كل ما نشاهده متأثر لأنه حقير، وكل ما كان ما كان كذلك فلا بد له من موجد غير متأثر ﴿والآخر﴾ بالأبدية، الذي ينتهي إليه وجود كل شيء في سلسلة الترقي وهو بعد فناء كل شيء ولو بالنظر إلى ما له من ذاته فلا آخر له لأنه يستحيل عليه نعت العدم لأن كل ما سواه متغير، بنوع من التغيير جاز إعدامه، وما جاز إعدامه فلا بد له من معدم يكون بعده ولا يمكن إعدامه.
ولما كان السبق يقتضي البطون، والتأخر يوجب الظهور، وكانا أمرين متضادين لا يكاد الإنسان يستقل بتعلقهما في شيء واحد، نبه على اجتماعهما فيه، فقال مشيراً بالواو إلى تمام الاتصاف وتحققه: ﴿والظاهر﴾ أي بالأحدية للعقل بأدلته الظاهرة في المصنوعات بما له من الأفعال ظهوراً لا يجهله عاقل، وهو الغالب في رفعته وعلوه فليس فوقه شيء


الصفحة التالية
Icon