بعد مماتكم، كما فعل بغيركم حين أوصل إليكم ما وصل من أموالهم، «فليس لكم منها إلا ما أكلتم فأفنيتم أو لبستم فأبليتم أو تصدقتم فأبقيتم - وفي رواية: فأمضيتم»
وليهن الإنفاق منها عليكم كما يهون على الإنسان النفقة من مال غيره إذا كان أذن له فيه.
ولما أمر بالإنفاق ووصفه بما سهله، سبب عنه ما يرغب فيه فقال مبالغاً في تأكيد الوعد لما في ارتكابه من العسر بالتعبير عنه بالجملة الاسمية وبناء الحكم على الضمير بالوصف بالكبير وغير ذلك: ﴿فالذين آمنوا﴾ وبين أن هذا خاص بهم لضيق الحال في زمانهم فقال: ﴿منكم وأنفقوا﴾ أي من أموالهم في الوجوه التي ندب إليها على وجه الإصلاح كما دل عليه التعبير بالإنفاق ﴿لهم أجر كبير *﴾ أي لا تبلغ عقولكم حقيقة كبره فاغتنموا الإنفاق في أيام استخلافكم قبل عزلكم وإتلافكم.
ولما رغب في الإنفاق والإيمان، وكان الإيمان مقتضى بالإنفاق، عجب ممن لا يبادر إلى الحاصل على كل خير، فقال مفصلاً لما أجمل من الترغيب فيهما، بادئاً بأبين كل خير، منفساً عنهم بالتعبير بأداة الاستقبال بالبشارة بالعفو عن الماضي مرهباً موبخاً لمن لا يبادر إلى مضمون ما دخل عليه الاستفهام، عاطفاً على ما تقديره: فما لكم لا تبادرون إلى ذلك: ﴿وما﴾ أي وأيّ شيء ﴿لكم﴾ من الأعذار أو غيرها في أنكم، أو حال كونكم ﴿لا تؤمنون بالله﴾ أي تجددون الإيمان - أي تجديداً


الصفحة التالية
Icon