حتى أرسل الرسل.
ولما حثهم على تجديد الإيمان على سبيل الاستمرار بالتعجب من ترك ذلك، وكان كل واحد يدعي العراقة في الخير، هيجهم وألهبهم بقوله: ﴿إن كنتم﴾ أي جبلة ووصفاً ثابتاً ﴿مؤمنين *﴾ أي عريقين في وصف الإيمان، وهو الكون على نور الفطرة الأولى.
ولما وصفه بالربوبية، دل عليها بقوله: ﴿هو﴾ أي وحده لا غيره ﴿الذي ينزل﴾ أي على سبيل التدريج والموالاة بحسب الحاجة. ولما كان الخطاب في هذه السورة للمخلص، قال مضيفاً إلى ضميره غير مقرون بما يدل على الجلال والكبرياء ﴿على عبده﴾ أي الذي هو أحق الناس بحضرة جماله وإكرامه لأنه ما تعبد لغيره قط ﴿آيات﴾ أي علامات هي من ظهورها حقيقة بتأن يرجع إليها ويتقيد بها ﴿بينت﴾ جداً على ما له من النعوت التي هي في غاية الوضوح ﴿ليخرجكم﴾ أي الله أي عبده بما أنزل إليه مع أنه بشر مثلكم، والجنس إلى جنسه أميل ومنه أقبل، ولا سيما إن كان قريباً ولبيباً أريباً ﴿من الظلمات﴾ التي أنتم منغمسون فيها من الحظوظ والنقائص التي جبل عليها الإنسان والغفلة والنسيان، الحاملة على تراكم الجهل، فمن آتاه سبحانه العلم والإيمان فقد أخرجه نم هذه الظلمات التي طرأت عليه ﴿إلى النور﴾ الذي كان وصفاً لروحه وفطرته الأولى السليمة.


الصفحة التالية
Icon