حذف قسيم من أنفق لوضوحه والتنفير منه ودلالة ما بعده عليه، نفى اللبس بقوله: ﴿أولئك﴾ أي المنفقون المقاتلون وهم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار، المقربون من أهل الرتبة العية لمبادرتهم إلى الجود بالنفس والمال ﴿أعظم درجة﴾ وبعظم الدرجة يكون عظم صاحبها ﴿من الذين أنفقوا﴾ ولما كان المراد التفضيل على أوجد الإنفاق والقتال في زمان بعد ذلك، لا على من استغرق كل زمان بعده بالإنفاق والقتال أدخل الجار فقال: ﴿من بعد وقاتلوا﴾ ولما كان التفضيل مفهماً اشتراك الكل في الفضل، صرح به ترغيباً في الإنفاق على كل حال فقال: ﴿وكلاًّ﴾ أي من القسمين ﴿وعد الله﴾ أي الذي له الجلال والكمال والإكرام ﴿الحسنى﴾ أي الدرجة التي هي غاية الحسن وإن كانت في نفسها متفاوتة، وقرأ ابن عامر ﴿وكل﴾ وهو أوفق لما عطف عليه.
ولما كان زكاء الأعمال إنما هو بالنيات، وكان التفضيل مناط العلم، قال مرغباً في إحسان النيات مرهباً من التقصير فيها: ﴿والله﴾ أي الذي له الإحاطة الشاملة بجميع صفات الكمال، وقدم الجار إعلاماً بمزيد اعتناء بالتمييز عند التفضيل فقال: ﴿بما تعملون﴾ أي تجددون عمله على مر الأوقات ﴿خبير *﴾ أي عالم بباطنه وظاهره علماً لا مزيد


الصفحة التالية
Icon