حذف الجار ﴿وبأيمانهم﴾ أي وتلتصق بتلك الجهة لأن هاتين الجهتين أشرف جهاتهم، وهم إما من السابقين، وإما من أهل اليمين، ويعطون صحائفهم من هاتين الجهتين، والشقي بخلاف ذلك لا نور له ويعطى صحيفته بشماله ومن وراء ظهره، فالأول نور الإيمان والمعرفة والأعمال المقولة، والثاني نور الإنفاق لأنه بالإيمان - نبه - عليه الرازي.
ولما ذكر نفوذهم فيما يحبون من الجهات وتيسيره لهم، أتبعه ما يقال لهم من المحبوب في سلوكهم لذلك المحبوب فقال: ﴿بشراكم اليوم﴾ أي بشارتكم العظيمة في جميع ما يستقبلكم من الزمان.
ولما تشوفوا لذلك أخبروا بالمبشر به بقوله مخبراً إشارة إلى أن المخبر به يحسد من البشرى لكونه معدن السرور ﴿جنات﴾ أي كائنة لكم تتصرفون فيها أعظم تصرف، والخبر في الأصل دخول، ولكنه عدل عنه لما ذكر من المبالغة ثم وصفها بما لا تكمل اللذة إلا به فقال؛ ﴿تجري﴾ وأفهم القرب بإثبات الجارّ فقال: ﴿من تحتها الأنهار﴾ ولما كان ذلك لا يتم مع خوف الانقطاع قال: ﴿خالدين فيها﴾ خلوداً لا آخر له لأن الله أورثكم ذلك ما لا يورث عنكم كما كان حكام الدنيا لأن الجنة لا موت فيها. ولما كان هذا أمراً سارّاً في ذلك المقام الضنك محباً بأمر استأنف مدحه بقوله: ﴿ذلك﴾ أي هذا الأمر العظيم جداً ﴿هو﴾ أي وحده


الصفحة التالية
Icon