غاية اليقظة والحضور: ﴿اعلموا﴾ أي أيها العباد المبتلون، وأكد المعنى بزيادة ﴿ما﴾ لما للناس من الغفلة عنه فقال قاصراً قصر قلب: ﴿إنما الحيوة الدنيا﴾ أي الحاضرة التي رغبت في الزهد فيها والخروج عنها بالصدقة والقرض الحسن ﴿لعب﴾ أي تعب لا ثمرة له فهو باطل كلعب الصبيان ﴿ولهو﴾ أي شيء يفرح الإنسان به فيلهيه ويشغله عما يعنيه ثم ينقضي كلهو الفتيان، ثم أتبع ذلك عظم ما يلهي في الدنيا فقال: ﴿وزينة﴾ أي شيء يبهج العين ويسر النفس كزينة النسوان، وأتبعها ثمرتها فقال: ﴿وتفاخر﴾ أي كتفاخر الأقران يفتخر بعضهم على بعض.
ولما كان ذلك مخصوصاً بأهل الشهوات قال: ﴿بينكم﴾ أي يجر إلى الترفع الجارّ إلى الحسد والبغضاء، ثم أتبع ذلك ما يحصل به الفخر فقال: ﴿وتكاثر﴾ أي من الجانبين ﴿في الأموال﴾ أي التي لا يفتخر بها إلا أحمق لكونها مائلة ﴿والأولاد﴾ الذين لا يغتر بهم إلا سفيه لأنهم الأعداء، وأن جميع ما ذكر زائل وأن الدنيا آفاتها هائلة، وإنما هي فتنة وابتلاء يظهر بها الشاكر من غيره، ثم إلى ذلك كله قد يكون ذهابه عن قرب فتكون على أضداد ما كان عليه، فيكون أشد في الحسرة، ومطابقة ذلك لما بعده ان الإنسان ينشأ في حجر وليه فيشب ويقوى ويكسب المال والولد وثم تغشاه الناس فيكون بينهم أمور معجبة وأحوال ملهية مطربة، فإذا تم شبابه وأطفأه مجيئه وذهابه


الصفحة التالية
Icon