يكون ذلك على تقدير أن تقد كل واحدة منهما ويوصل رأس كل قدة برأس الأخرى، وتمتد جميع القدات إلى نهايتها على مثل الشراك، وهذه الآية ظاهرها عرض واحد وأرض واحدة ﴿أعدت﴾ أي هيئت هذه الجنة الموعود بها وفرغ من أمرها بأيسر أمر ﴿للذين آمنوا﴾ أي أوقعوا هذه الحقيقة وهم من هذه الأمة إيقاعاً لا ريب معه ولو أنه على أدنى الوجوه فكانوا من السابقين، وهذا يدل على أن الجنة موجودة الآن في آيات كثيرة، وأن الإيمان كاف في استحقاقها، وأحاديث الشفاعة مؤيدة لذلك ﴿بالله﴾ أي الذي له جميع العظمة لأجل ذاته مخلصين له بالإيمان ﴿ورسله﴾ فلم يفرقوا بين أحد منهم، فهذه الجنة غير مذكورة في آل عمران، وإن قيل: إن السماء هنا للجنس لكون السياق فيه الصديقون والشهداء كانت أبلغته تلك بالتصريح بالجمع وعدم التصريح بالعرض لكونها في سياق صرح فيه بالجهاد، وقد جرت السنة الإلهية بإعظام للمجاهدين لشدة الخطر في أمر النفس وصعوبة الخروج عنها وعن جميع المألوفات.
ولما كان من ذكر من الوعد بالمغفرة والجنة عظيماً لا سيما لمن آمن ولو كان إيمانه على أعلى الدرجات ومع التجرد من جميع الأعمال، عظمه بقوله رداً على من يوجب عليه سبحانه شيئاً من ثواب أو عقاب: ﴿ذلك﴾ أي الأمر العظيم جداً ﴿فضل الله﴾ أي الملك الذي لا كفوء له


الصفحة التالية
Icon