عن التعمق في الدين، ويأمر بالرفق والقصد.
ولما كانت متابعة النفس في التقصير بالإفراط قد توصل إلى المروق من الدين فيوجب الكفر فيحط على الهلاك كله، أشار إلى ذلك بقوله: ﴿فآتينا﴾ أي بما لنا من صفات الكمال ﴿الذين آمنوا﴾ أي استمروا على الإيمان الكامل، ولعل في التعبير بالماضي بعد إرادة التعميم للأدنى والأعلى إشارة إلى إن المتعمق بين إيمان وكفر لا تجرد معصيته كما أشار إليه ختم الآية فهو في غاية الذم للتعمق والمدح للاقتصاد ﴿منهم﴾ أي من هؤلاء المبتدعين لأنهم رعوها حق رعايتها ووصلوا إيمانهم بعيسى ومن قبله عليهم الصلاة والسلام بإيمانهم بمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي دعا إليه الخروج عن النفس الذي هو روح الرهبانية بموافقتهم لما في كتابهم من البشائر به ﴿أجرهم﴾ أي اللائق بهم وهو الرضوان المضاعف.
ولما كانت متابعة الأهواء تكسب صفات ذميمة تصير ملكات راسخة للأنفس، أشار إلى ذلك بالعدول عن النهج الأول فقال: ﴿وكثير منهم﴾ أي هؤلاء الذين ابتدعوا فضيعوا ﴿فاسقون *﴾ أي عريقون في وصف الخروج عن الحدود التي حدها الله تعالى، روى البغوي


الصفحة التالية
Icon