لمن سأله عنه «أسلمت على ما أسلفت من خير» ودل على أن الكفلين برفع الدرجات وإفاضة خواص من الخيرات بقوله: ﴿ويجعل لكم﴾ أي مع ذلك ﴿نوراً﴾ مجازياً في الأولى بالتوفيق للعمل من المعلوم والمعارف القلبية وحسياً في الآخرة بسبب العمل ﴿تمشون به﴾ أي مجازاً في الأولى بالتوفيق للعمل، وحقيقة في الآخرة بسبب العمل.
ولما كان الإنسان لا يخلو من نقصان، فلا يبلغ جميع ما يحق للرحمن، قال: ﴿ويغفر لكم﴾ أي ما فرط منكم من سهو وعمد وهزل وجد. ولما قرر سبحانه وذلك، أتبعه التعريف بأن الغفران وما يتبعه صفة له شاملة لمن يريده فقال: ﴿والله﴾ أي المحيط بجميع صفات الكمال والعظمة والكبرياء ﴿غفور﴾ أي بليغ المحو للذنب عيناً وأثراً ﴿رحيم *﴾ أي بليغ الإكرام لمن يغفر له ويوفقه للعمل بما يرضيه.
ولما كان أهل الكتاب قد تابعوا أهويتهم على بغض الأميين، وأشربت قلوبهم أن النبوة مختصة بهم لأنهم أولاد إبراهيم عليه السلام من ابنة عمه، والعرب - وإن كانوا أولاده - فإنهم من الأمة وما دروا أن كونهم من أولاده مرشح لنبوة بعضهم وكونهم من الأمة، مهيئ لعموم الرسالة لأجل عموم النسب، قال دالاً على أنهم صاروا


الصفحة التالية
Icon