في المائدة حين أتبع تعالى آية القسيسين والرهبان قوله تعالى ﴿يأيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم﴾ [المائدة: ٨٧] غير أن هذا خاص وذاك عام، فهذا فرد منه، فالمناسبة واحدة لأن الأخص في ضمن الأعم، والحاصل أنه سبحانه امتنَّ عليهم بما جعل في قلوبهم من الرهبانية وغيرها، وأخبر أنهم لم يوفوها حقها، وأنه آتى مؤمنيهم الأجر، وأمر المسلمين بالتقوى واتباع الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليحصل لهم من فضله العظيم ضعف ما حصل لأهل الكتاب، ونهاهم عن التشديد على أنفسهم بالرهبانية، فصاروا مفضلين من وجهين: كثرة الأجر وخفة العمل، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء - والله أعلم، روى البزار من طريق خصيف عن عطاء من غيرهما أيضاً عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً قال: يا رسول الله! إني ظاهرت من امرأتي ورأيت ساقها في القمر فواقعتها قبل أن أكفر، قال «كفِّر ولا تعد» وروى أبو داود عن عكرمة أن رجلاً ظاهر من امرأته ثم واقعها قبل أن يكفر، فأتى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبره فقال: «ما حملك على ما صنعت؟ قال: رأيت بياض ساقيها في القمر، قال: فاعتزلها حتى تكفر عنك» قال المنذري: وأخرجه أيضاً عن عكرمة عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمعناه،


الصفحة التالية
Icon