﴿ولا﴾ أي يكون من نجوى ﴿أكثر﴾ أي من ذلك كالستة فما فوقها لا إلى نهاية - هذا التقدير على قراءة الجماعة بالجر بفتحة الراء ورفع يعقوب على محل من ﴿نجوى﴾ ﴿إلا هو معهم﴾ أي يعلم ما يجري منهم وبينهم، ويلزم من إحاطة علمه إحاطة قدرته كما تقدم في طه لتكمل شهادته.
ولما كان العموم في المكان يستلزم العموم في الزمان، وكان المكان أظهر في الحس قال: ﴿أين ما﴾ أي في أيّ مكان ﴿كانوا﴾ فإنه لا مسافة بينه وبين شيء من الأشياء لأنه الذي خلق المسافة، وعلمه بالأشياء ليس لقرب مكان حتى يتفاوت باختلاف الأمكنة ولا بسبب من الأسباب غير وجوده على ما هو عليه من صفات الكمال، قال الرازي: ما فارق الأكوان الحق ولا قارنها، كيف يفارقها وهو موجدها وحافظها ومظهرها، وكيف يقارن الحدث القدم وهو به قوام الكل، وهو القيوم على الكل - انتهى. والحاصل أنه سبحانه لا يخفى عليه شيء من العالم وإن بلغ في دقته إلى ما لا ينقسم، وهو شاهد لذلك كله حفظاً وعلماً وإحاطة وحضوراً، وآية ذلك في خلقه أن جملة الجسم يحيا بالروح، فلا يبقى جزء منه إلا وهو محفوظ بالروح