حسن الأدب بينهم وإن كان من أمور العادة دون أحكام العبادة، فقال مخاطباً لأهل الدرجة الدنيا في الإيمان لأنهم المحتاجون لمثل هذا الأدب: ﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ حداهم بهذا الوصف على الامتثال ﴿إذا قيل لكم﴾ أي من أيّ قائل كان فإن الخير يرغب فيه لذاته: ﴿تفسحوا﴾ أي توسعوا أي كلفوا أنفسكم في إيساع المواضع ﴿وفي المجلس﴾ أي الجلوس أو مكانه لأجل من يأتي فلا يجد مجلساً يجلس فيه، والمراد بالمجلس جنس المكان الذي هم ماكثون به بجلوس أو قيام في صلاة أو غيرها لأنه أهل لأن يجلس فيه. وذلك في كل عصر، ومجلس النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أولى بذلك، وقراءة عاصم بالجمع موضحة لإرادة الجنس ﴿فافسحوا﴾ أي وسعوا فيه عن سعة صدر ﴿يفسح الله﴾ أي الذي له الأمر كله والعظمة الكاملة ﴿لكم﴾ في كل ما تكرهون ضيقه من الدارين.
ولما كانت التوسعة يكفي فيها التزحزح مع دوام الجلوس تارة وأخرى تدعو الحاجة فيها إلى القيام للتحول من مكان إلى آخر قال: ﴿وإذا قيل﴾ أيّ من قائل كان - كما مضى - إذا كان يريد الإصلاح


الصفحة التالية
Icon