بمن ترك الصدقة عن وجدان، وبمن تصدق وبمن لم يجد إلى مثل حاله قبل ذلك من سعة الإباحة والعفو والتجاوز والمعذرة والرخصة والتخفيف قبل الإيجاب ولم يعاقبكم على الترك ولا على ظهور اشتغال ذلك منكم، قال مقاتل بن حيان: كان ذلك عشر ليال ثم نسخ، وقال الكلبي: ما كانت إلا ساعة من نهار. وعلى كل منهما فهي لم تتصل بما قبلها نزولاً وإن اتصلت بها تلاوة وحلولاً ﴿فأقيموا﴾ بسبب العفو عنكم شكراً على هذا الكرم والحلم ﴿الصلاة﴾ التي هي طهرة لأرواحكم ووصلة لكم بربكم ﴿وآتوا الزكاة﴾ التي هي نزاهة لأبدانكم وتطهير ونماء لأموالكم وصلة بإخوانكم، ولا تفرطوا في شيء من ذلك فتهملوه، فالصلاة نور تهدي إلى المقاصد الدنيوية والأخروية، وتعين على نوائب الدارين، والصدقة برهان على صحة القصد في الصلاة.
ولما خص أشرف العبادات البدنية وأعلى المناسك المالية، عم فقال حاثاً على زيادة النور والبرهان اللذين بهما تقع المشاكلة في الأخلاق فتكون المناجاة عن أعظم إقبال وإنفاق فقال: ﴿وأطيعوا الله﴾ أي الذي له الكمال كله فلم يشركه في إبداعه لكم على ما أنتم عليه أحد


الصفحة التالية
Icon