ولما أخبر بعذابهم، علله بما دل على أنه واقع في أتم مواقعه فقال مؤكداً تقبيحاً على من كان يستحسن أفعالهم: ﴿إنهم ساء﴾ أي بلغ الغاية مما يسوء، ودل على أن ذلك كان لهم كالجبلة بقوله: ﴿ما كانوا يعملون *﴾ أي يجددون عمله مستمرين عليه لا ينفكون عنه من غشهم المؤمنين ونصحهم الكافرين وعيبهم للإسلام وأهله، واجترائهم على الأيمان الكاذبة، وأصروا على ذلك حتى زادهم التمرن عليه جرأة على جميع المعاصي.
ولما دلت هذه الجملة على سوء أعمالهم ومداومتهم عليها، أكد ذلك بقوله: ﴿اتخذوا﴾ أي كلفوا فطرهم الأولى المستقيمة لما لهم من العراقة في اعوجاج الطبع والمحبة للأذى ﴿أيمانهم﴾ الكاذبة التي لا تهون على من في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان ﴿جنة﴾ أي وقاية وسترة من كل ما يفضحهم من النفاق كائناً ما كان، أو يوجب قتلهم بما يقع منهم من الكفران.
ولما كان علمهم بأنه يرضى منهم بالظاهر ويصدق أيمانهم هو الذي جرأهم على العظائم، فكانوا يرغبون الناس في النفاق بعاجل الشهوات


الصفحة التالية
Icon