أي الخوف الذي سكنها فرضّها وملأها وعبر منها إلى جميع قواهم فاجتثها من أصلها، ثم بين حالهم عند ذلك أو فسر قذف الرعب بقوله: ﴿يخربون بيوتهم﴾ أي يبالغون - على قراءة أبي عمرو بالتشديد - في إخرابها، أي إفسادها، فإن الخربة الفساد، وقراءة غيره يفهم الفعل المطلق الذي لا ينافي المقيد ﴿بأيديهم﴾ ضعفاً منهم - بما أشار إليه جمع القلة، ويأساً من قوتهم ليأخذوا ما استحسنوا من آلاتها، فكان الرجل منهم لما تحملوا للرحيل يهدم بيته عن نجاف بابه وما استحسن من خشبه فيضعه على ظهر بعيره فيأخذه وينقب الجدار ويهدم السقف حسداً للمسلمين أن يسكنوها بعدهم لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمرهم أن يخلوا له عن البلد ولهم ما حملت إبلهم.
ولما كان السبب في تخريب الصحابة رضي الله عنهم لبيوتهم ما أحرقوهم به من المكر والغدر كانوا كأنهم أمروهم بذلك، فنابوا عنهم فيه، فقال أيضاً بجمع القلة للدلالة على أن الفعل له سبحانه وحده: ﴿وأيدي المؤمنين﴾ أي الراسخين في الإيمان استيلاء وغلبة عليهم وقد كان المؤمنون يخربون ما ضيق عليهم المجال منها لأجل القتال، وقدم