الأمر كله، ودل على أنه كتب إذلالاً وإخزاء بقوله: ﴿عليهم﴾ أي بخصوصهم فيما كتب على بني إسرائيل في الأزل كما كتب على بني قينقاع ﴿الجلاء﴾ أي الخروج من ديارهم والجولان في الأرض، فأما معظمهم فأجلاهم بخت نصر من بلاد الشام إلى العراق، وأما هؤلاء فحماهم الله بمهاجر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من ذلك الجلاء وجعله على يدي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأجلاهم فذهب بعضهم إلى خيبر وبعضهم إلى الشام مرة بعد مرة ﴿لعذبهم في الدنيا﴾ أي بالسيف كما سيفعل بأحوالهم من بني قريظة الذين كتب عليهم العذاب دون الجلاء من قتل المقاتلة وسبي الذرية، فإنه تعالى قد قضى قضاء حتماً أنه يطهر المدينة بلد الوحي منهم.
ولما كان التقدير: ولكنه كتب عليهم ذلك فهو عذابهم الآن في الدنيا لا محالة وإن اجتمع أهل الأرض على نصرهم، عطف عليه قوله على طريق التهكم بالتعبير بأداة النفع: ﴿ولهم﴾ أي على كل حال أجلوا أو تركوا ﴿في الآخرة﴾ التي هي دار البقاء ﴿عذاب النار *﴾ وهو العذاب الأكبر.
ولما أخبر بما نالهم في الدنيا وينالهم في الآخرة، علله بقوله: ﴿ذلك﴾ أي الأمر العظيم الذي فعله بهم من الجلاء ومقدماته


الصفحة التالية
Icon