﴿أو تركتموها﴾ ولما كان الترك يصدق ببقائها مغروسة أو مقطوعة قال: ﴿قائمة﴾ ولما كان المراد نخيلاً كثيرة لإرادة الجنس قال: ﴿على أصولها﴾ بجمع الكثرة ﴿فبإذن الله﴾ أي فقطعها بتمكين الملك الأعظم ورضاه، قال القشيري: وفي هذا دليل على أن الشريعة غير معللة وإذا جاء الأمر الشرعي بطل طلب التعليل وسكتت الألسنة عن التقاضي ب «لِمَ» وحضور الاعتراض والاستقباح بالبال خروج عن حد العرفان.
ولما فطم عن طلب العلل خطاباً للكمل، طيب قلوب من دونهم بعلة معطوفة على ما تقديره: فليس ذلك بفساد ولكنه صلاح أذن لكم فيه ليشفي به صدور المؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم، فقال واضعاً موضع ضميرهم ظاهراً يدل على ما أوجب خزيهم: ﴿وليخزي الفاسقين *﴾ الذين هم أصلاء في المروق من دائرة الحق بأن يذلهم ويفضحهم ببيان كذبهم في دعواهم العز والشجاعة والتأييد من الله لأنهم على الدين الحق وأنه لا يتطرق إليه نسخ، وروى أبو يعلى عن جابر رضي الله عنه أنه قال: رخص لهم في قطع النخل ثم شدد عليهم فأتوا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالوا: يا رسول الله! علينا إثم فيما قطعنا أو علينا فيما تركنا، فأنزل الله الآية - انتهى وكان ناس من المؤمنين مالوا إلى


الصفحة التالية
Icon